الابتكار التكنولوجي في معالجة مياه صرف فحم الكوك والتحول الأخضر جنبًا إلى جنب

مياه الصرف الصناعي من فحم الكوك، باعتبارها ملوثًا لا مفر منه في عملية إنتاج صناعة فحم الكوك، تتميز بتركيبة معقدة وسمّية عالية، مما يشكل تحديًا خطيرًا على البيئة والنظم البيئية. ومع ذلك، ومع تزايد الوعي البيئي وتطور التكنولوجيا، يشهد مجال معالجة مياه صرف فحم الكوك تحولًا عميقًا، حيث تسير الابتكارات التقنية والتحول الأخضر جنبًا إلى جنب، مما يضخ حيوية جديدة في التنمية المستدامة لصناعة فحم الكوك.

أولًا: خصائص مياه صرف فحم الكوك وصعوبات معالجتها

تنشأ مياه صرف فحم الكوك بشكل رئيسي من عمليات الكربنة الجافة للفحم عند درجات حرارة عالية، وتنقية الغاز، وتنقية المنتجات الكيميائية، حيث تحتوي على تركيزات عالية من الأمونيا النيتروجينية والفينولات والزيوت وغيرها من المواد الضارة، إضافة إلى تقلبات كبيرة في نوعية المياه وصعوبة معالجتها. هذه الملوثات لا تلوث البيئة بشكل خطير فحسب، بل تشكل أيضًا تهديدًا محتملاً للنظام البيئي المائي. لذلك، أصبحت معالجة مياه صرف فحم الكوك قضية رئيسية لا بد أن تواجهها صناعة فحم الكوك.

ثانيًا: الابتكار التكنولوجي والارتقاء بالمعالجة

في السنوات الأخيرة، ومع تقدم العلوم والتكنولوجيا، أحرزت تقنيات معالجة مياه صرف فحم الكوك تقدمًا ملحوظًا. فقد تم استخدام تقنيات مثل الترسيب الكيميائي، والامتزاز، والأكسدة المتقدمة، والتناضح العكسي على نطاق واسع في المعالجة المتقدمة لمياه صرف فحم الكوك.

تقوم طريقة الترسيب الكيميائي بإضافة مواد مخثرة لجعل المواد العالقة والمواد الغروية في مياه الصرف تتجمع في شكل كتل وتترسب، مما يقلل بشكل فعال من عكارة المياه ومحتوى المواد العالقة. بينما تعتمد طريقة الامتزاز على مواد ماصة مسامية مثل الفحم النشط لامتصاص ملوثات معينة من مياه الصرف، بهدف تحقيق التنقية.

أما تقنيات الأكسدة المتقدمة مثل أكسدة فنتون أو الأوزون، فتعتمد على توليد الجذور الحرة ذات القدرة العالية على الأكسدة لتفكيك الملوثات العضوية، وتتميز بفعالية عالية وسرعة تفاعل كبيرة. وبالأخص تقنية الأوزون، التي لا تقتصر على إزالة الملوثات مثل الفينولات والسيانيد، بل تساهم أيضًا في خفض الطلب الكيميائي على الأوكسجين (COD) والطلب البيوكيميائي على الأوكسجين (BOD)، إضافة إلى خصائصها في إزالة اللون والروائح والتعقيم.

أما تقنية التناضح العكسي، فهي إحدى تقنيات الفصل الغشائي عالية الكفاءة، حيث يتم تطبيق ضغط معين يسمح لجزيئات الماء بالمرور عبر غشاء التناضح العكسي بينما تُحتجز الأملاح الذائبة والشوائب على الجانب الآخر من الغشاء، مما يحقق تنقية فعالة لمياه الصرف. ومع ذلك، لهذه التقنية بعض القيود مثل صعوبة معالجة المياه المركزة ومشكلات تلوث الأغشية، وهو ما يستدعي المزيد من التحسين والتطوير في التطبيقات العملية.

ثالثًا: التحول الأخضر لتعزيز التنمية المستدامة

في عملية معالجة مياه صرف فحم الكوك، أصبح التحول الأخضر اتجاهًا مهمًا لتعزيز التنمية المستدامة للصناعة. فمن ناحية، يمكن من خلال تحسين العمليات الإنتاجية وتقليل كمية مياه الصرف وتركيز الملوثات، التخفيف من صعوبة المعالجة وخفض تكاليفها من المصدر. ومن ناحية أخرى، يتم استكشاف سبل إعادة استخدام مياه الصرف المعالجة، مثل إعادتها إلى العملية الإنتاجية أو استخدامها كمصدر بديل لمياه صناعية أخرى، مما يحقق مفهوم "تحويل النفايات إلى موارد".

بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز صياغة القوانين البيئية وتطبيقها، ودفع الشركات إلى اعتماد تقنيات معالجة مياه صرف أكثر كفاءة وصداقة للبيئة، يُعد أيضًا وسيلة مهمة لدعم التحول الأخضر. كما أن زيادة الاستثمارات في البحث والتطوير في مجال تقنيات معالجة مياه صرف فحم الكوك، ودعم السياسات، وتشجيع الشركات على الابتكار ورفع مستوى المعالجة، كلها خطوات تعزز التنمية الخضراء لصناعة فحم الكوك.